زخم من الجدل.. حوار مفتوح لاينقطع .. آراء تطرح وإتهامات تتبادل.. مناقشات لاتتوقف.. ودوائر من النقاش تحرك المياه الراكدة بفعل الرتابة وحال مهنة وأوضاع أصحابها لايسر معارض فيها ولاحتى مؤيد.. هكذا تأتى دائما إنتخابات نقابة الصحفيين.. فرصة للقاء وطرح الافكار ومناقشة الأوضاع وطرح الرؤى.. فباتت أقرب لعيد يحلم به الصحفيون بوضع أفضل مهنيا وماديا وأدبيا.. وإن كان لحلمهم فى الإنتخابات القادمة فى مارس القادم مساحة أكبر من التخوف والقلق جعل الأمل فى عيونهم عصيا على التحقق.. تخوف من أزمة مالية طاحنة تكاد تعصف بصناعة الصحافة، ارتفاع أسعار الورق والأحبار غيرها من المستلزمات بما يحمل مزيدا من الأعباء على كاهل المؤسسات الصحفية، فى الوقت الذى تتراجع فيه حصيلة الإعلانات كأحد الموارد التى لاغنى عنها لدعم تكلفة إصدار الصحف.. والأخطر من كل ذلك المستوى الذى وصلت إليه المهنة من تدنى بعدما فقدت بوصلة إتجاهها، وأصبحت جميعها نسخة باهتة لافرق بين صحيفة قومية ولاحزبية ولامستقلة.. باتت جميعها صفحات متشابهة فاختفى السبق وفقدت التحقيقات رونقها واصبحت كل الموضوعات متشابهة فى مللها ورتابتها وعدم مصداقيتها.. جميعها تمجد إنجازات النظام وتتملق الوزراء وتهتف بعبقرية ولاة الأمور.. فعزف عنها القارئ بعدما فقدت رسالتها ودورها الأهم فى أن تكون نبضا للشعب وصدى لأحلامه ومرآة لأوجاعه وبوقا لصوته ينقل للحاكم كل مايعانى منه ويؤلمه وينغض عليه صفو حياته.. هجرها القارئ وبخل عنها بجنيهات محدودة رآى أن آولاده وبيته أحق بها!! فقدت الصحافة هيبتها ومكانتها وعرشها عندما تخلت عن قارئها وأصبحت بوقا لحكامه.عندما استسلمت لقيود كبلتها ووأدت حريتها وكتمت صوتها فأصبح بلا أثر. فقدت سطوتها فاستهان أصحاب السلطة النفوذ والجاه بها.. بين صمت مخز أحيانا وتواطؤ مع أصحاب المصلحة والفسدة أحيانا ونفاق وتزلف وتهليل لأصحاب النفوذ أحيانا، لم تعد لصاحبة الجلالة الكلمة العليا.. ولم يعد للصحفيين تلك المكانة وتحولت إنتخابات النقابة إلى موسم للتسول.. يلقى المرشحين للسلطة بالفتات هى أقرب لرشاوى انتخابية يتلقفها أغلبية الصحفيين على أمل أنها "أحسن من مفيش" والنواية تسند الزير فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تعصف بهم وأدت لتدهور أوضاعهم المادية بشكل لم يسبق له مثيل.. وسط هذه الأجواء العاصفة يعود الجدل الموسمي للتجدد، أيهما أجدى للصحفيين وأكثر نفعا لنقابتهم من يعدهم بالفتات بدعوى تحسين أحوالهم المالية أم من يرى أن حرية الصحفى وهيبته ومكانته هى الأهم، وأن استعادة تلك الهيبة المفقودة وتلك المكانة المهدرة، ليست فقط السبيل الوحيد لانتشال المهنة من عثرتها، لكن أيضا لتحسين أحوال الصحفيين على كافة المستويات. فما أن تسترد الصحافة عافيتها وتعود نبضا للشعب سيعود لها قارئا وداعما ومساندا ليقلل من حجم التحديات والعثرات التى تواجهها. أزمة الصحافة التى لم تعد خافية على أحد تحتاج لمشرط جراح ماهر يعرف بدقة موطن الداء ويزيح عن كاهلها بتمكن وإقتدار كل ما يحول دون نهوضها من عثرتها.. لكن من يمتلك تلك القدرة؟ قناعتى أن المهموم باستعادة حرية الصحافة ومكانة وهيبة الصحفيين هو الأجدر. وإن كانت للأغلبية للأسف رأى آخر.. كالعادة!!
وجهة نظرى| نبض الشعب
